“حبيبي، في كفيه خشونة من يحيا ليرتب فوضاه، وحبيبي ظبي إن شاء ونمور إن شاء، يعاضبني، فألين له، وأغاضبه، فيضاحكني، وأضاحكه، آخذه من منفاي إلى منفاي، ويأخذني من كفي إلى كفيه، يقول: هنا دارك! فاسكن دارك! وانس الأخبار قليلاً! سأؤدبك الآن لكي تنصاع، لأفراح عطايات وعطري، هذا صدري! لا يحجبه عنك قميص أو صد، صدري خوفي، سيخاف معك، ويخاف عليك، صدري اطمئنانك، حين تعود من الأسفار، وتسترجعه بذهول المفطوم حديثاً، وأنا أتوطأ كي أرضيك، وكي أرضى! هذا خصري! خصري يستقبل موسيقاك، نعومتها وخشونتها، فتميل به، ويميل بها، وتميل له، فيميل لها، هذا قلبي! قلبي الواشي بالمخفي من الغابة، فيها نحن، وفيها عطر لا يفنى، وسناجب تلهو، وذئاب تعوي قمراً كي تسقطه، من كف الغيم، ويحميه الغيم فلا يسقط! تسألني: من أين لجسم الغيم بهذي القوة؟ تسألني: هل لو سقط القمر المسكين، ستنهشه أنياب الذئب؟ ويعود بنا الهذيان من الضحكات إلى الأرض!”.
هذا كتاب نعايش فيه شخصاً مفرداً في منتصف ليلة رأس السنة تداهمه عبر النافذة مشاهد من عالمه الشخصي، ومن العالم. كتاب يضم نصاً واحداً متصلاً متعدد الأصوات يجمع بين قصيدة النثر والدراما والسرد القصصي والمفارقة وفن التوقيعات، يستمد شعريته من الصور البصرية المتلاحقة، ومن خلق علاقات مدهشة بين مفردات عادية. أما الموسيقى فمراوغة تتوارى عمداً، لتباغتنا أحياناً، ثم تتراجع بسرعة إلى الخلفية. البطل وحبيبته (الحاضرة في البال) هاربان من لغة السوق، هاربان من حفائر الأنساب، لا يمتلكان سوى نظرتهما الطازجة للكون كعلامة اعتراض على الصيغ المهيمنة.